لا تكن ماتيس

في افريقيا كل أبن يولد من أب أبيض وأم زنجية هو أبن معقد، وسر العقدة لا يرجع لسبب فسيولوجي ولكن لأن المجتمع فرض علي هولاء الملونين معاملة خاصة عقدت نفوسهم، لأن أختلاف مجتمع الأب عن مجتمع الأم أختلافا كبيرا يسبب تصرعا في نفسية الأبن وينتهي التصارع بعقدة، وهولاء الابناء يسمون في افريقيا ماتيس. وتسمع لفظ ماتيس من افواه الأفريقين ومن أفواه البيض يشوبة رنة أحتقار وأزدراء.

والماتيس يكونون مجتمعا خاصا في أفريقيا ليس مجتمع زنجيا ولا مجتمعا أبيض أنما هو مجتمعا وسط وأفراده يقفون دائما في الوسط
جمالهم وسط ليس جمال الزنوج ولا جمال البيض
ذكاؤهم وسط ليس ذكاء الزنوج ولا ذكاء البيض
عواطفهم وسط لا يستطيعون ان يتحمسوا للبيض ولا ان يتحمسوا للزنوج
وتقاليدهم وسط خليط من تقاليد البيض وتقاليد الزنوج
وحتي لهجتهم وسط خليط من لهجة الزنوج والبيض
وديانتهم وسط أنهم يؤمنون بالمسيح أو بمحمد باحساس وثني
وثقافتهم وسط ليوا مثقفين ولا غير مثقفين
و .........

وهذا الوسط لم يختره هؤلاء الأبناء انه ليس موقفا يقفون فيه بأختيارهم ولكنه مفروض عليهم، فرضه عليهم تصارع مجتمعين مختلفين صراع بين مجتمع البيض ومجتمع السود يدور من حولهم ... ويدور ايضا داخل نفوسهم
وينتهي بيهم الي داخل هذا الموقف الوسط

أنه موقف أشبة بالسجن لا يستطيعون الفرار منه، لا يستطيعون ان يندمجوا بكيانهم وعواطفهم داخل مجتمع البيض ولا داخل مجتمع السود، والبيض ينظرون اليهم من خلال قطبان السجن بأزدراء ولا يثقون فيهم لأنهم ليسوا منهم والزوج أيضا ينظرون اليهم في شك وريبة لأنهم ليسوا منهم
والجميع يقلبون شفاههم في تافف ويهمسون .. ماتيس!

ومشكلة الماتيس " مشكلة ضعف أنتمائهم لاي مجتمع سوء مجتمع البيض أو الي مجتمع السود" فأنتمائهم وسط وهنا المشكلة.

والمشكلة ليس فقط أن تكون من هؤلاء أصحاب الأنتماء الوسط
بل المشكلة أن نعلم جيدا
لمن ننتمي؟
ولماذا ننتمي؟
وكيف ننتمي؟
وبأي الأساليب نعبر عن أنتمائنا؟

فمثلا يجب أن ننتمي لرياضة معينة ... لقضية معينة ... لأولويات معينة
ولكن هل ما ظهر من أنتمائنا كمصريين لفريقنا القومي لكرة القدم يقارن بما ظهر لانتمائنا للعروبة "قضية غزة
"
ادعي الله أن لا نكون ماتيس ... ولكن يبقي علينا السعي لتحقيق ذلك
حتي لا نكن ماتيس
...............................................
من وحي كتاب "ثقوب في الثوب الأسود" لأحسان عبد القدوس