"بينما ذهب أصدقاء رحلته لشراء بعض المثلجات، جلس وحيد أمام البحر يتأمل صفحة الشاطئ ... يأخذ الموج بخياله يرميه بعيدا عن واقعة ... وربما لأنه استشعر حاجته لها في تلك اللحظات رآها _أو ربما توهم ذلك_ علي مقربة منه، وما أن وقعت عينيه عليها أحس برجفة في قلبه وعرفها لتوه، تحقق من ملامحها، حقا إنها هي .
دعته صورتها وهي تلهو مع تلك الطفلة علي رمال الشاطي الي ذكريات مرت عليها الأعوام العشرة .. كعادتها تحب الأطفال وتنسي سنها معهم .. تذكر ذلك اليوم حين كانا سائرين يرفرف عليهما جناح الهوي فاستوقفته لحظات عندما رأت طفلا يبكي وحيدا في الطريق .. أخرجت من حقيبتها حلوي وقدمتها له وكأن الحلوي كانت علي موعد مع هذا الطفل بالذات!َ
جففت دمعاته واحتضنته، لحظات وجاءت أم الطفل فاخذت طفلها فما كادت عينيها تفارقه حتي مضي واختفي مع امه تذكر أن في ذلك اليوم أحس بالغيرة من ذلك الطفل وتمني لو أعتبرته وحده طفلها المدلل وعندما صارحها بذلك كان في ضحكتها الطفولية الإجابة الكافية .. وبينما كانت تمر الذكريات أمام عينيه كالفيلم السينمائي ... تذكر ما أكده الاطباء بأنه لن يكون يوما أبا. وهي لن تتحمل الحياة بدون أطفال فهي مستعدة للتضحية بأي شئ من أجل أن تشبع إحساسها الغريزي بالأمومة. حتي لو كانت تلك التضحية هي التخلي عن حبيب العمر.
أنها فعلا أختارت طفلا فتركت رجلا ... تركت الرجل الذي تعازف بسيمفونيات عشقه لها العازفون. لم يحرمها من حق الأختيار وتحمل وحده عذابات الفراق. ربما تحملت هي أيضا تلك العذابات ولكنها سرعان ما وجدت البديل الذي يناسبها ومن أجله كان الفراق ربما كان البديل تلك الطفلة التي تلهو معها علي الشاطي ... لقد ادرك ذلك الشبه الواضح في ملامحها...
" آه لو كان هو الضلع الثالث لهذا المثلث .. أذن لأكتملت اللوحة" هكذا حدث نفسه. ولكن هناك شيئا دائما يابي اكتمال اللوحات فتبقي ناقصة ضلع مثلث او قطر دائرة او حتي النقطة المضيئة... ظل يتابع حركاتهما المتناغمة معا ولعبهما بالكرة، حتي اقتربت الكرة منه وتوقفت امام قدمه، وانحني عليها وامسكها، وجرت الطفلة نحوه فابتسم لها وقدم لها الكرة، لم يستطيع ترجمة مشاعره المتناقضة في تلك اللحظة ... اقبلت الأم خلف طفلتها وقل ان تتلاقي عينيها بعينه سحبت ابنتها من يدها وانصرفت."
هذه القصة لمايسة فضل
هكذا دوما وللابد
حياتنا ناقصة ضلعا
ولكنها تكون أشكال
ولكنها تكون أشكال
أجمل من أن نبحث فيها
عن الضلع المفقود